العدد 3107 - الأربعاء 09 مارس 2011م الموافق 04 ربيع الثاني 1432هـ

صَلاتان وإمامان لا ينفع

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دَعَا الزميل والكاتب الصحافي سعيد الحَمَد في إحدى حَلَقات تلفزيون البحرين وتعليقاً منه على الأحداث المؤسفة التي تشهدها البلاد هذه الأيام، وخصوصاً المسألة الطائفية وطرق مواجهتها هو أن يُصَلِّي الشَّيخان عبد اللطيف آل محمود وعيسى أحمد قاسم جماعة واحدة، ثم يَخرُجان بعدها مباشرة إلى مائدة الحوار الذي يترقبه الجميع.

وبعيداً عن المكان الذي صَدَرَت فيه الدَّعوة أو دَاعِيها أو مَرامِي لحظتها إلاّ أنها تبقى أكثر من «دعوة ضرورة». فأوضاع البلد لا تسرّ أحداً منذ الرابع عشر من شهر فبراير/ شباط 2011 وإلى الآن في أيّ موقع كان، ليس على المستوى السياسي الذي يُمكن أن يتفاوض بشأنه السياسيون وأهل الحل والعقد وإنما على المستوى الاجتماعي وضمن سياقات السِّلْم الأهلي الذي هو الأهم.

ما قاله الزميل الحَمَد، وما أقوله الآن مُثَنياً، وما قاله الأغيار بشأن صلاة مشتركة هو ليس شيئاً إمْراً ولا نُكْرَاً ولا هو فَرِيَّا؛ فقد صَلَّى الشيعة يتقدمهم الشيخ راضي الحبيب وراء الشيخ ماجد العنزي/ الشيخ مشاري العفاسي في مسجد الدولة الكبير بالكويت. وصَلَّى السُّنَّة يتقدمهم الشيخ مخلف بن دهام الشِّمري وراء الشيخ حسن الصَّفار في القطيف.

كما أن تلك الصلاة ليست على شاكلة حملات العلاقات العامة «الدينية» بل هي متأسِّسة على أشياء أكبر وأوسع وأعمق. فمِنْ ذي قبل قال البروجردي وشَلتوت ما يكفي لتوحيد الأمّة بتشريعات وفتاوى جريئة ومسئولة وتوحيدية. وفي هذا الأوان أكَّد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والمرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله ما قِيل بشأن ذلك. ولم يبقَ عذر لأحد لأن يقول ما لا يُرضِي الخالق سبحانه. هذه لازِمة شرعية يجب أن يستحضرها كل مسلم غيور وهو يرى أن بإمكانه أن يفعل ذلك وبسهولة، لأن الكبار مارسوها وأكَّدوا عليها قبلنا.

عندما يشُبُّ حريق في مكان ما فإن مقاومته بكل الوسائل تصبح جائزة وكيفما اتفق. بعضهم يُطفئه بسحب مسمار الأمان من اسطوانة الحريق وتوجيه البودرة الجافة نحوه. وبعضهم يُحاول أن يُطفئه بملابسه ولِحَاف نومه وجَسَدِه. وبعضهم يُهِيل عليه التراب بِغَرْف اليد تباعاً، وآخر يسكب الماء بالدِّلاء، بل إن البعض قد يلجأ إلى شَهِيقِه وزفير صَدرِه ينفثه باتجاه النار خشية أن لا يُبقي الحريق ولا يَذر. ما نحن فيه في هذه اللحظة أيها البحرينيون هو حريق واجب على الجميع أن يُطفِئوه بكل الوسائل. وما الصلاة المشتركة إلاّ واحدة منها.

في السابق كان الكاتب الاجتماعي الشهير إريك هوفر يقول «يسعى الزعماء لتحويل أتباعهم إلى أطفال» وهو ما يريد أن يفعله بنا حقاً بعض الزعامات السياسية والدينية في هذا البلد؛ لأنهم وباختصار يريدون أن يتسَيَّدوا علينا ويُوجِّهوننا كيفما يريدون، فهم لا يعيشون ولا يكبرون إلاّ في هذه الأجواء المسمومة، وهم سيفشلون في مسعاهم بالتأكيد. فالبحريني الذي تعايش مع أهله وناسه لمئات السنين لا يُمكن أن يهدم ذلك التجاور والتعايش في بحر أيام فقط. فالجذور يصعب قلعها وخلعها إذا تحوّلت إلى ظاهرة كظواهر الطبيعة.

غداً هو يوم الجمعة، وهو فرصة يجب أن لا تُضيَّع من قِبَل الكبار لتحقيق ذلك. وعندما تتحقق صلاة مشتركة تتلامس فيها أكتاف الجميع وتختلط ترنيماتهم فإنه بالتأكيد لن يكون درساً للبحرينيين فقط، وإنما سيتعدَّاه لأن يُصبح مَلْمَحاً إقليمياً وعالمياً يُؤكِّد من جديد على مكانة التسامح والتعايش في البحرين وبين البحرينيين أنفسهم. وعندما تتصفَّح الأجيال تاريخنا في المستقبل ستجِد هذه الحادثة وتكرارها ومثيلاتها فتزداد تمسُّكاً بهذا النهج، وتعضّ عليه بالنواجذ

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3107 - الأربعاء 09 مارس 2011م الموافق 04 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 2:14 ص

      الصلاة المشتركه

      نعم للصلاة المشتركه.
      لكن السؤال
      من الذي سيؤم المصلين؟
      أنا أقترح ان يكون من طائفه وسط

    • زائر 9 | 1:31 ص

      إريك هوفر

      في السابق كان الكاتب الاجتماعي الشهير إريك هوفر يقول «يسعى الزعماء لتحويل أتباعهم إلى أطفال

    • زائر 6 | 12:31 ص

      من لا يريد التقريب

      اخي محمد ، انا لا اعتقد ان احدا من الرموز السياسية المطالبة بالتغيير والاصلاح مهما كان سقف مطالبه ضد الدعوة للصلاة في مسجد الفاتح، دلوني على واحد يقول غير ذلك.
      معـروف من هو ضد هذا التحرك للتقريب بين مكونات المجتمع ووأد الفتنة الطائفية وعلى الدولة ان كانت جادة في الحوار ان تمنع هؤلاء من بث سمومهم واقامة تجمعاتهمز

    • زائر 5 | 12:23 ص

      أهلا بكم

      لنا إخوة شيعة كثر و لله الحمد يأتون للصلاة معتا في جامع سار.. لا يحتاجون إلى دعوة ليدخلوا بيتا من بيوت الله.. و لا يعاملون أو ينظر إليهم بعين غير تلك التي تنظر إلى بقية المصلين. و الجميع يعلم أن مصليات كثيرة و خاصة في المجمعات التجارية تضم مصليين من الستة و الشيعة .. فالصلاة مع بعضنا البعض ليست بالجديدة ..

    • زائر 4 | 12:14 ص

      نعم للصلاة المشتركة

      إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللة أكبر ، اللهم اصلح قلوبنا وحسن اعمالنا وارزقنا سداد الرأي وصدق القول وثبات اليقين. اتمنى من الجهات المسؤلة حبذا لو جريدة الوسط توجيه الدعوة للشيخين الجليلين لاداء تلك الصلاة المشتركة بين البحرينين في جميع ساحات البحرين وتنقل على الهواء مباشرة غداً ، لنصلي معاً من اجل جمعة التوحيد.

    • زائر 2 | 12:10 ص

      الصلاة

      اللة يجمعنا بالخير

    • زائر 1 | 10:30 م

      هل الحل بالصلاة؟؟؟

      فئة كبيرة من الشغب تطالب بحقوقها تريد دستورا عقدسا ومملكة دستورية منتخبة من الشعب على غرار المملكات العريقة وتريد اخراج غير المواطن من وطننا هل الصلاة معا يحقق هذه المطالب او يلغيها؟؟؟

اقرأ ايضاً