العدد 3231 - الثلثاء 12 يوليو 2011م الموافق 10 شعبان 1432هـ

الفلسطينيون بدأوا يشعرون بأثر قرار الحملة الدبلوماسية الدولية

رام الله (الضفة الغربية) - رويترز 

12 يوليو 2011

بدأ يظهر للحملة التي أطلقها الفلسطينيون للتوصل إلى استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط تعارضها إسرائيل والولايات المتحدة ثمن يتعلق بالأحوال المالية يمثل اختباراً لمدى إصرارهم. وبدأ العاملون في السلطة الفلسطينية الذين حصلوا على نصف رواتبهم فقط في يوليو/ تموز يذوقون ما يمكن أن يكون في انتظارهم إذا تحدى زعماؤهم واشنطن ومضوا في خطط لنقل طلبهم بقيام الدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل. يواجه الفلسطينيون الذين يعتمدون على المساعدات من أوروبا والولايات المتحدة وحلفائها من الدول العربية والتي لم يتوافر بعضها بعد أزمة مالية ربطها مسئول رفيع بشكل مباشر بقرار شن الحملة الدبلوماسية في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة.

وقال نبيل أبو ردينة وهو مساعد للرئيس الفلطسيني محمود عباس لـ «رويترز»: «إنه جزء من الضغط علينا لاتخاذ قرارات خاطئة». وأضاف «رأينا هذا الفيلم مع ياسر عرفات أكثر من مرة. إما أن تقول نعم أو تواجه الجوع... لن يدفعوا لكم ولن يسمحوا لآخرين أن يدفعوا لكم». وبدأ بالفعل أثر خفض الأجور الذي يشمل 150 ألف موظف في السلطة الفلسطينية يظهر على الاقتصاد الفلسطيني. وقال جورج جقمان وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة بيرزيت قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية «خفض المساعدات لعبة خطيرة». وأضاف «أعتقد أن الفكرة ليست إغلاق المنبع تماماً... لأن هذا ربما يكون له أثر عكسي... ربما يؤدي إلى استياء وغضب واسع النطاق. الفكرة هي الاستمرار في التمويل مع التقتير».

ولم يقرر الفلسطينيون بعد أي مسار دبلوماسي سيتبعونه في اجتماع الأمم المتحدة إذا لم يكن هناك استئناف كما هو متوقع لعملية السلام المتعثرة التي ظلت الولايات المتحدة تشرف عليها على مدى العقدين الماضيين. وبصفة عامة هم يريدون تكوين أكبر حجم من المساندة الدولية قدر استطاعتهم في الأمم المتحدة لقيام الدولة الفلسطينية على الأرض التي احتلتها إسرائيل العام 1967. وقرر مجلس الأمن عقد مناقشة مفتوحة يوم 26 يوليو بشأن احتمال أن تصبح فلسطين عضواً في الأمم المتحدة. وتعارض الولايات المتحدة هذه الفكرة وتصفها بأنها خطوة من جانب واحد تتعارض مع أسلوبها الساعي للتوصل إلى اتفاق من خلال المفاوضات الثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين. ويساور مسئولون إسرائيليون القلق من أن تكون جزءاً من استراتيجية فلسطينية جديدة تهدف إلى عزل إسرائيل و «وصمها». ويقر مسئولون فلسطينيون بأن المناورات الدبلوماسية لن يكون لها أثر يذكر أو فوري في الواقع لكنهم يصورونها على أنها جزء من تخل سيحدث لا محالة عن استراتيجية فاشلة. وهم يأملون أن تكون انفصالاً عن الاعتماد على الوساطة الأميركية للانتقال إلى نهج له طابع دولي بدرجة أكبر يمكن أن يحقق لهم قدم المساواة في المفاوضات المستقبلية مع عدوهم الأكثر قوة.

وقال محمد أشتية وهو شخصية بارزة في حركة فتح التي يتزعمها عباس «ليس أمامنا خيار آخر». وسيكون أكثر الخيارات جرأة أمام الفلسطينيين هو أن يطلبوا من مجلس الأمن الاعتراف بفلسطين كدولة لها عضوية كاملة في خطوة قالت الولايات المتحدة بالفعل إنها ستعارضها. وفي رام الله يبحث مسئولون بدائل لن تتوقف على موافقة مجلس الأمن بما في ذلك فكرة السعي إلى تحديث وضع الفلسطينيين في الأمم المتحدة إلى مستوى يقل عن كافة الدول الأعضاء. وستكون هذه المرة الثانية خلال أشهر معدودة التي يتخذ فيها عباس خطوات تتعارض مع الرغبات الأميركية ويتحدى رأي المنتقدين في الداخل الذين يعتبرونه منذ زمن طويل أداة في يد واشنطن. ووقع عباس اتفاقاً مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مايو/ أيار بهدف إعادة توحيد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه منذ أربع سنوات «حماس» التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وجاء ذلك أيضاً مقابل ثمن أبرز مدى هشاشة السلطة الفلسطينية التي تمارس قدراً محدوداً من الحكم الذاتي على الأرض التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية.

وحجبت إسرائيل مؤقتاً إيرادات الضرائب التي تحصلها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية التي كان أول مرة لا يحصل فيها موظفوها على رواتبهم في 2007 متعللة بمخاوف من احتمال وصول المال إلى «حماس». ومنذ ذلك الحين تعثر اتفاق المصالحة الذي توسطت فيه مصر. لكنها ما زالت تشغل حيزاً كبيراً في تفكير صناع السياسات في واشنطن حيث مررت غالبية ساحقة في الكونغرس الأميركي قراراً يحث على تعليق المساعدات للفلسطينيين إذا سعوا إلى استصدار اعتراف بهم في الأمم المتحدة. وقال عباس في تصريحات نقلتها وسائل إعلام فلسطينية «إن هذا يأتي من أجل وضع مزيد من الضغوط علينا ولذلك أمامنا خياران... إما الصمود والثبات أو الانهيار ونحن سنصمد لمواجهة كل هذه الضغوط». ويقول المسئولون الفلسطينيون إن حكومات عربية تتحمل مسئولية النقص في التمويل الذي يحتاجونه لسد عجز يبلغ 970 مليون دولار في موازنة 2011. وهم عازفون عن تحديد الدول العربية بالاسم لكن مراجعة للمبالغ التي دفعتها دول مانحة هذا العام تظهر أن المملكة العربية السعودية وهي مصدر كبير للتمويل في السنوات القليلة الماضية لم تعرض بعد أي شكل من أشكال الدعم للموازنة. وتبرعت الرياض بنحو 620 مليون دولار لدعم موازنة السلطة الفلسطينية منذ العام 2008. ومضى عباس يقول «قد لا نتمكن من دفع الرواتب الشهر المقبل وربما سندفع نصف راتب وهذا يعتمد على ما يتوافر في خزينتنا». وتابع «نحن نعمل ليل نهار لتأمين الرواتب وأعرف ماذا يعني نصف راتب لعائلة... هذا أمر يؤرقني ولكن لابد من وقفة واحدة لمواجهة هذا الوضع والتقشف يشمل الجميع دون استثناء»

العدد 3231 - الثلثاء 12 يوليو 2011م الموافق 10 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً