من دون قصد وقبل الإعلان عن تأسيس ما يسمى بالمجمع المقدس للمسيحيين الأرثوذكس في مصر والشرق الأوسط يصدر كتاب «طلاق الأقباط» الذي تسعى مؤلفته كريمة كمال إلى إعادة بحث «مشكلة» طلاق المسيحيين المصريين.
وصدر الكتاب في صفحة متوسطة القطع عن دار ميريت في القاهرة الشهر الماضي قبل أن يعلن أول انشقاق عن الكنيسة القبطية وهي من أعرق الكنائس في العالم.
وأعلن في القاهرة الأحد الماضي تأسيس المجمع المقدس للمسيحيين الأرثوذكس الذي يعد أول خروج عن سلطة الكنيسة الأرثوذكسية القبطية بزعامة البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية وهو ما يعتبره كثيرون تهديداً لوحدة الكنيسة المصرية.
وتسجل مؤلفة الكتاب أن الأقباط في فترات تاريخية سابقة وجدوا ما تعتبره سهولة في الحصول على الطلاق حتى أنهم تأثروا بالمسلمين «ومارسوا تعدد الزوجات» وهو ما استنكره بطاركة منذ مطلع القرن الثامن الميلادي حتى القرن التاسع عشر مستشهدة بما سجله المستشرق البريطاني ادوارد لين في كتاب شهير عن عادات المصريين المحدثين في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وقالت إن «أزمة» طلاق الأقباط بدأت تشتد منذ أصدر قداسة البابا شنودة الثالث قراراً بابوياً في العام بعدم إعطاء تصريح زواج ثانٍ لمن يحصل على الطلاق لأي سبب إلا لعلة الزنا وفقاً لتعاليم الإنجيل.
وتبدي كريمة كمال تفهما لصلابة تمسك البابا بموقفه المستند إلى النص المقدس لكنها تطرح أسئلة عن مصير علاقات زوجية «باتت سجناً مغلقاً ولم يعد لها خلاص... ومدى ملاءمة التمسك بحرفية النص مع واقع العصر»، مشيرة إلى أن النص نفسه كان موجوداً لكن بطاركة سابقين منهم البابا كيرلس السادس لم يكونوا متشددين إذ كانت هناك تسعة أسباب للطلاق.
من تلك الأسباب التسعة لطلاق الأقباط كما تضمنها قانون صدر العام إصابة الزوج بضعف جنسي غير قابل للشفاء وتكون زوجته في سن يخشى فيها عليها من الفتنة أو اعتداء أحد الزوجين على الآخر بحيث يعرض الإيذاء البدني صحة الآخر للخطر أو إساءة المعاشرة «واستحكام النفور» بين الزوجين أو الحكم على أحدهما بعقوبة الأشغال الشاقة أو السجن لمدة سبع سنوات أو أكثر.
وتساءلت المؤلفة عن اختزال أسباب طلاق الأقباط من تسعة إلى سبب وحيد هو الزنا.
وأوضحت أن البابا شنودة الذي تولى البطريركية العام حتى وهو يشغل منصب سكرتير البابا كيرلس السادس كان لا يعترف بالأسباب الثمانية للطلاق «ويرفضها ويجدها مخالفة صريحة لنص الإنجيل الذي لا يعترف سوى بالسبب الأول والوحيد للطلاق وهو الزنا. وبناء على قراره هذا وقناعته الشديدة بالتمسك بما جاء في الإنجيل أصدر قراره البابوي... منذ ذلك التاريخ صار طلاق الأقباط مشكلة». وقالت إن معارضي موقف البابا شنودة يرون أن وجهة النظر التي أجازت الأسباب الثمانية الأخرى للطلاق والتي عمل بها البابا كيرلس السادس وغيره تستند إلى أن الإنجيل يعطي رجال الدين المسيحي الحق في دراسة كل حال على حدة بعد صدور حكم قضائي بالطلاق، مشيرة إلى أن سلطتهم تقديرية في منح أو رفض التصريح بزواج ثانٍ بعد صدور حكم الطلاق.
ووصفت الوضع الحالي للأقباط فيما يخص الطلاق بأنه شائك وغريب ومعقد، إذ لا تعترف الكنيسة بأحكام الطلاق التي حصل عليها أقباط من المحاكم المصرية ولا يحصلون من الكنيسة على تصريح بالزواج الثاني.
كما وصفت الذين قالت إنهم يزيدون على ألف شخص بالوقوع في فخ بين القانون والكنيسة، إذ يريدون تجاوز تجربة زواج فاشلة واستئناف حياة جديدة لولا الاصطدام بموقف الكنيسة «لو كان موقفهم هذا وقع قبل العام لما واجهوا مشكلة». وأشارت إلى محاولات الهروب من هذا «المأزق» بتغيير الديانة أو الملة أو الطائفة من الأرثوذكسية إلى الكاثوليكية أو البروتستانتية بعد «الاصطدام بتشدد الكنيسة» إذ لجأت كثيرات إلى الخلع وهو مادة أضيفت إلى قانون تبسيط إجراءات التقاضي في الأحوال الشخصية للعام .
العدد 1398 - الثلثاء 04 يوليو 2006م الموافق 07 جمادى الآخرة 1427هـ