العدد 3564 - السبت 09 يونيو 2012م الموافق 19 رجب 1433هـ

المنيا تتطلع إلى مكان على خريطة السياحة المصرية

تتطلع محافظة المنيا المصرية التي ظلت معزولة لسنوات عن صناعة السياحة في مصر بسبب أعمال عنف شنها إسلاميون متشددون إلى رئيس جديد للبلاد يحسّن أوضاعها ويعيد لها مكانتها على خريطة السياحة المصرية. ويصوت المصريون يومي 16 و17 يونيو/ حزيران 2012، في جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة المصرية لاختيار رئيس خلفاً للرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم البلاد ثلاثة عقود وأطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضي.

وقال محمد بدوي (54 عاماً) وهو موظف في جامعة المنيا بعدما أدلى بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات يوم 24 مايو/ أيار: «نريد عدالة في توزيع الثروة وتعليم وصحة. الصعيد محروم محروم محروم». ويرى كثيرون في مدينة المنيا الواقعة على بعد 250 كيلومتراً جنوبي القاهرة ان أي زعيم لمصر قد يفعل أكثر بالنسبة لهم على صعيد الاقتصاد مما فعله مبارك الذي ينحصر إرثه في المنيا في عدد قليل من المصانع ونظام صحي متداع وغياب خدمة الطيران عن المحافظة.

وبينما ازدهرت سياحة السفن النيلية بين الأقصر وأسوان لم تحظ المنيا إلا بعدد قليل من السائحين خوفاً من أعمال عنف كان يشنها إسلاميون متشددون في التسعينيات من القرن الماضي وأودت بحياة أكثر من ألف شخص. ومنعت الحكومة المصرية السفن السياحية في المنطقة خوفاً من تعرضها لهجوم يثير ذعر السائحين ويمنعهم من زيارة أرجاء مصر كافة. وتعرضت السياحة المصرية إلى انتكاسة في العام 1997 بعدما قتل 58 سائحاً في الأقصر. واضطر السائحون الأجانب القلائل الذين تحلوا بجرأة كافية للقيام بالرحلة في المنطقة المحيطة بالمنيا إلى السير في قوافل تحرسها قوات شرطة مسلحة. لكن الأمور تتحسن. فمنذ أسابيع قليلة بدأت الحكومة المصرية الانتقالية التي يدعمها الجيش في السماح للسفن السياحية بالإبحار من القاهرة إلى المنيا للمرة الأولى منذ سنوات.

ومع التطلع الى تشكيل حكومة جديدة في غضون أسابيع زاد الأمل في إمكانية إصلاح الطرق المهملة والمدارس والمستشفيات لخدمة السياحة في المحافظة. كان أخناتون أحد ملوك مصر القديمة قد نبذ الآلهة التقليدية واتجه إلى عبادة أتون وشيد عاصمة جديدة مترامية الأطراف العام 1350 قبل الميلاد على ضفاف النيل على بعد 60 كيلومترً جنوبي ما يعرف الآن باسم المنيا بعيداً عن عاصمة مصر القديمة التي تعرف الان باسم الأقصر. ويصور الإله اتون في الآثار الفرعونية القديمة كقرص شمس؛ إذ تمتد أشعة الشمس لتغمر من يعبدون أتون بالحياة والقوة. ولم تستمر عبادة أتون طويلاً فعندما مات أخناتون أعاد ابنه توت عنخ آمون الآلهة القديمة مثل أمون ورع. ومازالت آثار ومقابر عاصمة مصر التي أقامها اخناتون قرب المنيا ولم تدم طويلاً موجودة إلى جانب آثار يونانية وقبطية وإسلامية تلاحقت على المنطقة. وقال بهاء فكري الذي كان رئيساً للحزب الوطني الديمقراطي المنحل في المنيا - الذي كان يترأسه مبارك - ولم يعد يتولى الآن أي منصب رسمي: «لا نحظى بكمية سياح يساوي المكانة الأثرية للمنيا». وتوجه الأجانب بدلاً من ذلك إلى شواطئ البحر الأحمر وإلى أسوان والاقصر. وتساهم السياحة بنسبة نحو 10 في المئة من الاقتصاد المصري وتضررت كثيراً من الانتفاضة الشعبية العام الماضي؛ إذ نشرت صور اشتباكات في الشوارع ومبان محترقة أثناء الانتفاضة حول العالم.

ومازالت أعداد السياح الوافدين أقل 25 في المئة في الشهور الثلاثة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي عندما اندلعت الانتفاضة. ويرى السياح لدى وصولهم للمنيا تكوينات الحجر الجيري البديعة وسط أشجار النخيل. وفي مدينة المنيا نفسها تشير الفيلات والمباني القديمة على ثراء المنطقة التي تعود إلى أيام الحكم الملكي الذي أطاحت به ثورة قام بها ضباط في الجيش العام 1952 . وتطرح شركات السياحة بالفعل رحلات مدتها 14 يوماً لكن يبدو أنه من غير المرجّح أن تتعافى تلك الرحلات التاريخية بالكامل قبل أن ينتهي انعدام الأمن والتوتر السياسي بعد انتفاضة الربيع العربي.

وقال فكري إنه كان من الممكن إعادة الرحلة النيلية قبل سنوات لكنها كانت ضحية لحكومة مبارك وأضاف أنه لا يعتقد أن المشكلة كانت أمنية في الاونة الاخيرة ولكن الحكومة آنذاك شعرت أن من الأسهل لها ألا تفعل شيئاً فكان الكسل هو السبب. ويتنافس في جولة الأعادة في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق وهو قائد سابق للقوات الجوية المصرية وحليف مبارك مع محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين.

ويتمنى أنصار كلا المرشحين أن يتحرك الفائز لاستعادة حركة السياحة في محافظة المنيا. وقال أمين حزب الحرية والعدالة في المنيا، ضياء المغازي إنه إذا شكل الحزب وهو الذراع السياسية للاخوان المسلمين الحكومة المقبلة بعد الانتخابات فإنها ستعزز السياحة عن طريق تحسين الوضع الأمني وتجميل المواقع السياحية وإطلاق حملة دعاية عالمية.

وأضاف «عندنا كم هائل من السياحة الفرعونية متمركزة في المنيا فلو كانت أخذت حقها في السياحة الحقيقية كانت أتاحت فرصة جيدة للغاية.. فرصة جميلة للسياحة أن تأتي إلى هنا في المنيا تستمتع بجمال المنيا». وتوقع ما لا يقل عن خمسين إلى ستين ألف فرصة عمل للشباب.

العدد 3564 - السبت 09 يونيو 2012م الموافق 19 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً