العدد 3683 - السبت 06 أكتوبر 2012م الموافق 20 ذي القعدة 1433هـ

وحش الديون يبتلع كل شيء في إسبانيا (1-2)

قررت الحكومة الإسبانية تخصيص واحد من كل ثلاثة يورو لسداد فوائد ديون الدولة خلال عام 2013.

فتكشف موازنة الدولة التي قدمتها الحكومة لتوّها - والمعروضة حالياً علي البرلمان حيث يعتمد «الحزب الشعبي» الحاكم على الأغلبية المطلقة من المقاعد - تكشف القناع عن حقيقة أن عبء هذه الالتزامات سيواصل خنق المواطنين الذين هم يقاسون بالفعل من أضرار سياسة تفكيك الخدمات العامة والاجتماعية مثل التعليم والصحة وغيرهما.

فسترتفع فوائد الديون بقدر 9,742 مليون يورو (نحو 12,500 مليون دولار)، لتصل إلى 38,590 مليون يورو (نحو 49,700 مليون دولار)، أي بما يقارب نسبة زيادة قدرها 34 في المئة مقارنة بالعام الجارى.

وهكذا يبتلع وحش الديون كل شيء في إسبانيا. ومن باب المقارنة، يعادل سداد فوائد الديون إجمالي موازنة جميع الوزارات التي أصبحت تعتمد الآن - حسب مشروع الميزاني المقدمة - على 39,722 يورو (نحو 51,000 مليون دولار). وفي الوقت نفسه، لا تكفي التعديلات الجذرية التي أقرتها الحكومة في الأشهر الأخيرة حتى لسداد لتلبية المدفوعات الإضافية المستحقة للدائنين، وذلك وسط مناخ انعدام الثقة المتزايد في قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.

ففي عام 2007، بلغ الدين العام نسبة 35.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بالمقارنة بنسبة 75.9 في المئة هذا العام، وفي وقت يقدر أن يرتفع فيه إلى نسبة 80 في المئة في عام 2013، وفقاً لتقديرات الحكومة.

في هذا السياق، يصبح السؤال الملحّ الآن هو ماذا ستقرر الحكومة تقليصه تتابعاً حتى تبت «الترويكا» - ثلاثي الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي - في حزمة الإنقاذ المالي المتوقع تقديمها لإسبانيا والتي سيكون من شأنها أن تجلب المزيد من القيود على المواطنين الذين تنهار مستوياتهم المعيشية انهياراً سريعاً واحداً.

«هذه هي الموازنة التي تفرضها «الترويكا»، وطريقة الاستجابة لمطالب السيطرة على العجز. لكن هذا أمر مستحيل على ضوء هذه الموازنة. وقد يبدو الأمر وكأنه مجرد تناقض ظاهري، لكن الحقيقة هي أن الهدف من ذلك هو إفقار المواطنين وتغيير أسلوب المعيشة»، وفقاً لنائب المعارضة عن كتلة «اليسار المتحد»، العالم الاقتصادي البرتو غارثون.

وأعرب هذه النائب البرلماني في حديثه مع وكالة إنتر بريس سيرفس عن رأيه بأن الوضع السياسي والاقتصادي الراهن في إسبانيا لديه الكثير من القواسم المشتركة مع ما حدث في أمريكا اللاتينية في الثمانينات والتسعينات التي تميزت بالديون المرتفعة.

«فقد كشف ذلك الوضع نقاط الضعف في اقتصاديات بلدان أميركا اللاتينية، وجلب الطاعة العمياء للجدول الزمني المفروض لخصخصة أصول الدولة وتحرير الاقتصاد، وسط عواقب اجتماعية سلبية».

أما بابلو إغليسياس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مدريد، فذكر بأن «فترة الثمانينات قد سجلت نجاح السياسات الليبرالية الجديدة التي أدت إلى تفكيك المكاسب الاجتماعية التي تحققت في الأعوام السابقة، وكذلك فقد خلقت العديد من أوجه عدم المساواة».

ألبرتو برادييا

وكالة إنتر بريس سيرفس

العدد 3683 - السبت 06 أكتوبر 2012م الموافق 20 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً