العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - شُحّ الموارد المائية في منطقة الخليج العربي

أحمد بديع
أحمد بديع

في ظل شح المياه ومواردها في الوقت الحاضر تبرز مشكلة طالما أرقت صنّاع القرار، وخصوصاً الدول ذات المناخ الصحراوي، والذي يعاني اليوم أزمة مياه تكاد تؤدي به إلى حرب ضروس لا يعلم عواقبها.

نحن في البحرين نعاني من هذه المشكلة منذ زمن بعيد حيث إن اعتماد البحرين على الخزان الجوفي وتحديداً في العقود الأربعة الماضية أدى إلى زيادة السحب من هذه المياه بمعدلات تفوق معدل الاستعاضة الطبيعية له، الأمر الذي سبّب هبوطاً حاداً في مستوياته المائية، وانقلاب المياه العذبة نسبياً إلى مياه عالية الملوحة. وكنتيجة مباشرة غزت المياه العالية الملوحة الخزان الجوفي واختلطت بمياهه مسببة تملحها.

وقد أدى تدني نوعية مياه الخزان إلى تقليص جاهزيته ونفعيته للاستخدامات المباشرة في كثير من مناطق البحرين، والتي تم تقديرها بأكثر من نصف حجم الخزان الأصلي تحت ظروف الاستقرار. وإذا ما استمر هذا الاتجاه في معدلات السحب فإن كل الخزان الجوفي في البحرين سيُفقد بسبب التملح، وسيملي على المسئولين عن المياه طرق علاجية باهظة.

على أية حال هذه الظاهرة لا يكمن وجودها في البحرين فقط، مع العلم أن البحرين جزء صغير من المناطق الجافة والتي تعاني من شح المياه، إضافة إلى أنها شريك في الخزان الجوفي الواسع الامتداد والمسمى بالخزان الغربي الشرقي، ويمتد من وسط المملكة العربية السعودية إلى المنطقة الشرقية منها عابراً الكويت وقطر والبحرين، فإنها تعاني من هذه المشكلة، وهنالك اتجاهات عديدة في دول المنطقة ترمي إلى التخفيف من حدتها، ولعل الاتجاه الكبير الذي اتخذته معظم دول الخليج هو تحلية المياه لتجنب الضخ المتزايد الذي يزيد التملح وبالتالي طغيان مياه البحر عليها هذا من جانب، أما في الجوانب الزراعية والبلدية فإعادة استخدام مياه الصرف الصحي.

وتعاني هذه الدول من ضغوط شديدة على مواردها المتاحة، ومن المتوقع أن تزداد الحالة سوءاً مستقبلا، نتيجة لتوقع زيادة الطلب على المياه بمعدلات عالية لمواكبة النمو السكاني المطرد، ما ينعكس سلباً على مسار التنمية الشاملة في منطقة الخليج، ما لم تتخذ الأقطار الخليجية سياسة مائية تهدف إلى تخفيض استهلاك المياه والحد من تبذيرها وتلوثها وترشيد استخدامها، وتوفير موارد مائية إضافية لضمان استمرارها لصالح الأجيال القادمة.

البحرين تعتبر أصغر وأفقر الدول العربية على الإطلاق من حيث مواردها الطبيعية، فإلى جانب النفط والغاز الطبيعي، فإن المورد المائي محدود جداً، والذي يعتبر أهم الموارد الطبيعية المتاحة من حيث الأهمية، آيل للنضوب الأمر الذي يكسبه أهمية خاصة، لذلك تجد كثيراً من الدارسين والباحثين ممن تناولوا هذا الموضوع بالبحث والدراسة وهم كثر، أذكر منهم وليد زباري ومبارك أمان، يشددون على حماية هذا المورد الطبيعي المتاح في الوقت الحالي والاقتصاد فيه بكل السبل التي تجعله في ضمانة وحماية مستقبلية.

ومع أن البحرين من أفقر الدول في هذا المورد إلا أنها تمتاز عن بقية دول الخليج بميزة يمكنها التخفيف من هذه المشكلة كونها جزيرة تحيط بها المياه من جميع الجهات، وبالتالي فإن الرطوبة لا تفارقها طوال العام وخصوصاً في فصل الشتاء، إلا أنه لا يستفاد من المياه التي تخلفها الرطوبة والتي تذهب هدراً وإن كانت شحيحة.

أضف إلى ذلك أن استخدام عملية التناضح العسكي في تحلية المياه يراد لها تطوير أو إيجاد طرق أخرى لتحلية المياه فهي تكلف الدولة موازنة باهظة فتفاقم المشكلة بدلاً من حلها.

أحمد بديع

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً