العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - هل كان محمد (ص) طائفياً؟

ليست الطائفية من الكلمات المفضلة عندي، غير أنها ذات حضور كبير في بعض المجتمعات الإسلامية مما يجعل من تسليط الضوء عليها أمراً ملحاً. هي باختصار (التعصب للمذهب) وهو أشد ما كان يُخاف على المسلمين الوقوع فيه، فإن استشرى الأخير في بيئة ما فإن الحريق سيكون هائلاً... مدمراً، وستذوق الأجيال المقبلة آثار لعنته لا محالة.

لكن للأسف الشديد قد تمكنت تلك الآفة من بعضنا حتى نخرت عظامه فبات يرقد في غيبوبتها، والأعجب من ذلك أنك عندما تسأله عن سبب هذا المرض فيجيبك بأن كل "الأعراض" تشير إلى أنه صاحب المذهب الصواب، وكفى.

هنيهة هنا...

ما من مسلم عاقل ينكر أن محمداً (ص) هو قدوته، وأنه هو صاحب الدين الصحيح، وأفضل البشرية جمعاء، ويؤمن بحتمية دخول النار من هو على غير دين الإسلام. إذن، فلم ساعد النبي (ص) تلك المرأة العجوز في نقل حاجياتها رغم علمه باعتناقها ديناً آخر، وعندما نصحته لقاء خلقه وفعله الكريم معها من اتباع النبي (ص)، في تصريح علني للعداء، كونها لا تعلم بأنه هو نفسه، أجابها بأنه محمد (ص) فآمنت.

لِمَ لمْ يشترط عليها الإسلام برسالته قبل مساعدته إياها؟ هو الرسول والقدوة لم يسأل عن دينها كشرط لتقديم يد العون.

لِمَ قصد النبي (ص) بيت جاره اليهودي الذي كان يؤذيه بإلقاء الأوساخ عند أعتاب منزله، متقصياً أخباره وأحواله بعد انقطاع مشاهدته لمشهد الأوساخ اليومي، فما كان منه إلا أن بكى وآمن. أليس بيهودي... إذن لماذا السؤال عنه يا رسول الله! وما هذه المواقف إلا غيض من فيض لا ينضب في سيرة أشرف الأنبياء.

أمة الإسلام....

إن كنتم تؤمنون في قرارة أنفسكم بأن مذهبكم، أي مذهب كان، هو مذهب الحق وأن محمد (ص) هو قدوتكم، فاتبعوه إذن يحببكم الله! ما كان محمد (ص) طائفياً ولا عنصرياص، ينظر إلى أصحاب الطوائف والمذاهب الأخرى بنظرة دونية كساؤها الازدراء، يتفنن في تهمشيها... وأحياناً يتمنى لو يمزقها كل ممزق، هذا وهم لا يتخذون الإسلام ديناً! أوَلسنا نحن أولى كمسلمين بأن نحقق مبدأ احترام مذهب الآخر، على أقل وجه، ونتراحم كما كان يفعل (ص) مع أصحاب الديانات الأخرى، عبر الاعتراف باختلافاتنا أولاً ثم القبول بها وفي ذلك استئصال لسرطان الطائفية.

عجبي... أين أنتم من رسول الله (ص)؟! في زمن نحن بأعوز ما يمكن إلى تجديد دماء أفعال نبينا بيننا؛ كي لا يتهمنا الآخرون بالتناقض إن أوجدنا للطأفنة مكاناً، في حين ندعي سراً جهاراً بأن قدوتنا هو محمد (ص)!

مريم عيسى الشيخ

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً