العدد 3834 - الأربعاء 06 مارس 2013م الموافق 23 ربيع الثاني 1434هـ

قرض مؤقت من صندوق النقد قد يكون طوق نجاة لمصر

وزير الخارجية الأميركي - REUTERS
وزير الخارجية الأميركي - REUTERS

من غير المرجّح أن يجد الرئيس المصري محمد مرسي التأييد السياسي اللازم للحصول على قرض كامل من صندوق النقد الدولي قبل أن تبدأ الانتخابات في أبريل/نيسان لكنه قد يستطيع الحصول على مساعدة مؤقتة من الصندوق.

وقال محللون إن من شأن مساعدة طارئة أن تساعد البلاد على اجتياز فترة الانتخابات التي تجرى على أربع مراحل بدءاً من 22 أبريل وأن تبعث برسالة إلى الأسواق المالية بشأن التزام مصر بالإصلاحات الاقتصادية ودعم صندوق النقد للبلاد.

وأعلنت مصر أنها تريد استئناف المحادثات مع صندوق النقد بشأن قرض قيمته 4.8 مليارات دولار تم الاتفاق عليه مبدئياً في نوفمبر/تشرين الثاني ثم أرجئت مفاوضاته بطلب من الحكومة المصرية بعد اندلاع احتجاجات عنيفة في الشهر التالي.

لكن من غير المرجّح إتمام اتفاق القرض قبل الانتخابات وهو ما يعزز فرص المساعدة المؤقتة. وبعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك تشهد مصر انقساماً عميقاً بين الإسلاميين الذين ينتمي إليهم مرسي والمعارضة التي تنوي معظم قواها مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي تبدأ الشهر المقبل. وأدّت الاضطرابات السياسية إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسائحين - وهم مصدر رئيسي للعملة الأجنبية التي تحتاجها البلاد لتمويل واردات القمح والوقود - ما دفع الاقتصاد إلى شفا الانهيار.

وقال الخبير الاقتصادي بمركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت إبراهيم سيف: «التوصل إلى اتفاق مؤقت سيكون حلاً وسطاً بين متطلبات السياسة الداخلية والمجتمع الدولي (...) سيبعث رسالة مفادها أن مصر مستعدة لاتخاذ الإجراءات ويوصل رسالة إلى المصريين بأن (الحكومة) لا ترضخ لصندوق النقد بالكلية».

وفي ظل تراجع الثقة في مصر وتناقص احتياطيات النقد الأجنبي واتساع العجز في الموازنة قال سيف، إن اتفاقاً مؤقتاً مع صندوق النقد من شأنه أن يساعد على تفادي السقوط في «هاوية اقتصادية». وتابع «لا أتصور أن يوقع (مرسي) اتفاقاً كاملاً مع صندوق النقد الآن لكني أتصور أن يوقع اتفاقاً مؤقتاً (...) شيئاً يكون معقولاً من الناحية السياسية لكنه يبعث إشارات بشأن المستقبل».

ويستطيع صندوق النقد تقديم مساعدة طارئة عبر آلية تمويل عاجل قلما استخدمها والغرض منها مساعدة الدول التي لديها احتياجات عاجلة في ميزان المدفوعات ولا تستطيع الاتفاق بشكل فوري على برنامج أكثر صرامة مع الصندوق.

وتأتي هذه المساعدة بشروط أقل نسبياً وهو ما من شأنه تهدئة مخاوف مرسي من إصلاحات صعبة سياسياً قبل الانتخابات.

وأي تمويل بموجب هذه الآلية محدود بنسبة 50 في المئة من حصة الدولة العضو في صندوق النقد الدولي. وتستطيع مصر الحصول على نحو 750 مليون دولار.

وعلى رغم أن هذا المبلغ لا يكاد يكفي لسد الفجوة التمويلية لمصر إلا أن محللين قالوا إنه سيساعد على الحصول على قروض إضافية من حلفاء في المنطقة مثل قطر التي قدمت بالفعل مساعدات للبلاد.

وتعهدت الولايات المتحدة أكبر مساهم في صندوق النقد بتقديم 250 مليون دولار دعماً لموازنة مصر خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري للقاهرة مطلع الأسبوع.

وقال كيري خلال الزيارة: «من المهم للغاية ومن الضروري والملح أن يكتسب الاقتصاد المصري قوة (...) أن يقف على قدميه مجدداً».

وتابع «من الواضح لنا أنه يتعين التوصل إلى ترتيب مع صندوق النقد وأننا نحتاج لمنح الثقة للسوق». وتراجعت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي إلى 13.5 مليار دولار بنهاية فبراير/شباط من 36 مليار دولار عشية انتفاضات «الربيع العربي» في 2011 التي أطاحت بمبارك.

ويصر صندوق النقد على ربط أي برنامج لقرض كبير بإجراءات اقتصادية أولية لتعزيز الثقة وهو ما من شأنه أن يخفض تكاليف الاقتراض الداخلي المرتفعة للحكومة.

بالإضافة إلى ذلك يريد الصندوق أن يتأكد من شرح الحكومة لخططها للرأي العام بشكل واضح وحصولها على تأييد الأحزاب السياسية الرئيسية حتى يضمن استمرار الإصلاحات بغض النظر عمن سيتولى السلطة.

ويقول محللون إن مرسي متردد جداً بشأن فرض إجراءات تقشف وإصلاحات من المرجّح أن تكون شروطا لاتفاق صندوق النقد قبل انتخابات مجلس النواب لأنها قد تثير احتجاجات جديدة.

ومن أبرز المسائل الشائكة تخفيض نظام الدعم المكلف الذي يستفيد منه الأغنياء في الأغلب والذي يستنزف خزائن الدولة.

ومن المنتظر أن يسعى برنامج صندوق النقد إلى خفض تدريجي لدعم الطاقة الذي يلتهم نحو 20 في المئة من الموازنة. غير أن التصويت في العملية الانتخابية طويلة الأمد في مصر سيكتمل في أواخر يونيو/حزيران. وهذا يعني أن المفاوضات مع صندوق النقد قد لا تستأنف إلا بعد شهرين على الأقل.

ويقول اقتصاديون إن الاقتصاد المصري لا يحتمل هذا التأخير وهي نقطة شدد عليها كيري خلال زيارته للقاهرة. ففي ظل تراجع حاد للاحتياطيات الأجنبية وتزايد العجز في الموازنة قد لا يملك مرسي ترف الانتظار إلا إذا استطاع الحصول على تمويل ثنائي ربما من قطر التي قدمت بالفعل مساعدات كبيرة للحكومة.

وقال المساعد الأول لوزير المالية المصري هاني دميان لرويترز يوم الثلثاء، إن الحكومة دعت بعثة صندوق النقد لزيارة مصر. غير أنه شدد على أن أي برنامج مساعدات مؤقت بدون إصلاحات ليس حلاً دائماً.

وقال: «في جميع الأحوال لا بد من إصلاحات اقتصادية وهيكلية لأن الاقتصاد المصري لا يمكن أن يدار من منطلق الاعتماد على إعانات مالية وقتية».

العدد 3834 - الأربعاء 06 مارس 2013م الموافق 23 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً