العدد 1568 - الخميس 21 ديسمبر 2006م الموافق 30 ذي القعدة 1427هـ

مشروع معالجة مياه الصرف الصحي لم يحقق أهدافه

صرف عليه ?90 من موازنته المعتمدة

أظهرت أعمال الرقابة على أداء مشروع معالجة مياه الصرف الصحي عدم تمكن المشروع من تحقيق أهدافه المنشودة، ومن أهمها الحفاظ على المياه الجوفية.

على رغم أن المشروع قد حقق بعض الجوانب الايجابية التي نتجت عن تنفيذه، إلا انه لا يجب أن تصرف هذه الجوانب عن المشكلات التي تواجه المشروع وتعوقه عن تحقيق أهدافه الرئيسية، وهي مشكلات نتجت غالبيتها عن ضعف التخطيط للمشروع.

ولتحقيق الأهداف المنشودة من مشروع معالجة مياه الصرف الصحي - المرحلة الثانية - فإنه ينبغي على وزارة الأشغال والاسكان والجهات الحكومية الأخرى المعنية، العمل على تفعيل القوانين الخاصة بفرض تعرفة على استخدام المياه الجوفية وتلك الخاصة باستملاك الأراضي لإنشاء المصارف الزراعية، وكذلك السعي لاستصدار تشريعات وقوانين تلزم المزارعين باستخدام المياه المعالجة في الزراعة بدلاً من المياه الجوفية. تشير النتائج الحالية إلى أنه:

تم توصيل المياه المعالجة لما يوازي 10 في المئة فقط من الأراضي الزراعية التي يهدف المشروع إلى توصيل المياه اليها، وتبلغ مساحة تلك الأراضي الزراعية نحو 204 هكتارات من إجمالي 2067 هكتاراً الأمر الذي يؤكد الاستمرار في ري الأراضي عن طريق السحب من المياه الجوفية.

وعلى رغم أن الطاقة الانتاجية لوحدة معالجة مياه الصرف الصحي تم رفعها ضمن أعمال المشروع لتنتج 200 ألف متر مكعب من المياه المعالجة ثلاثيا، فإنها تنتج فقط 54 ألف متر مكعب وهو ما يعادل 27 في المئة من طاقتها الانتاجية، وذلك نتيجة لعدم اكتمال البنية الأساسية للمشروع المتعلقة بالنقل والتوزيع، علما بأن الطاقة الانتاجية لوحدة المعالجة قبل توسعتها كانت قادرة على انتاج 60 ألف متر مكعب.

كما أن تدفقات مياه الصرف الصحي الداخلة إلى محطة توبلي لمعالجة المياه تبلغ 175 ألف متر مكعب يوميا، تتم معالجة 54 ألف متر مكعب منها ثلاثيا، ويتم تصريف 121 ألف متر مكعب معالجة ثنائيا فقط في خليج توبلي ما يسبب تلوث مياه الخليج بحسب ما تشير إليه تقارير الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية.

وتأخر انجاز مشروع معالجة مياه الصرف الصحي - المرحلة الثانية - لمدة خمس سنوات ويتوقع أن تستمر أعمال المشروع لمدة عامين آخرين، على رغم انه كان مقررا أن ينجز المشروع خلال ثلاث سنوات فقط. إن عدم انجاز المشروع في الوقت المحدد واستمرار التأخير في الانتهاء منه قد يضعف من فعاليته في تحقيق الهدف المنشود منه وهو الحفاظ على المياه الجوفية.

كما تبين وجود أوجه قصور في عملية التخطيط للمشروع ما أدى إلى مواجهة مشكلات طبيعية ومتوقعة كان بالإمكان تداركها أو التقليل من آثارها لو أنها أخذت في الاعتبار قبل تنفيذ المشروع، ومن أهم هذه المشكلات:

عدم تنفيذ بعض الأعمال المرتبطة ببعض بصورة متزامنة بحيث يتم الانتهاء من جميع المراحل في الأوقات نفسها. ورفض بعض أصحاب المزارع استخدام المياه المعالجة، إذ يرفض ملاك 59 مزرعة استخدام المياه المعالجة. ورفض بعض أصحاب المزارع مرور أنابيب وقنوات الصرف الزراعي عبر أراضيهم، ما أدى إلى إلغاء عملية إنشاء شبكة الصرف الزراعي بهذه المزارع من دون وضع حل لمشكلة كيفية تصريف المياه المعالجة الزائدة عن احتياجات الري بهذه المزارع المستهدفة، ما سيعرض الأراضي الزراعية إلى مشكلات بيئية خطيرة إذا ما بدأ الاستخدام الفعلي للمياه المعالجة.

تم حفر 9 آبار احتياطية وجاءت نتائج الحفر غير ايجابية، ما كلف نحو 80 ألف دينار تم هدرها من دون فائدة ونتج ذلك بسبب غياب التنسيق بين الإدارات الحكومية المسئولة عن عملية حفر الآبار.

كما تم تحديد مواقع تقريبية للخزانات من دون الأخذ في الحسبان المرافق الأخرى مثل محطات الضخ وآبار التغذية الاصطناعية وآبار الطوارئ، ما أدى إلى تغيير مواقع الخزانات وبالتالي تغيير مسارات خطوط أنابيب التوزيع الرئيسية والفرعية الذي تسبب في التأخير الكبير في انجاز المشروع. وعدم تفعيل التشريعات والقوانين ذات العلاقة لتحقيق أهداف المشروع. وعدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع المنتج الفرعي للمشروع وهو السماد العضوي، إذ لم تقم إدارة الهندسة الزراعية بإعداد دراسة لتسويق وتوزيع هذا المنتج وسيواحه مصنع السماد صعوبات كبيرة ستؤثر على فعاليته وكفاءته في المستقبل.

عدم القدرة على توصيل المياه المعالجة لجميع المزارع المحددة ضمن خطة المشروع

لتحقيق الهدف الأساسي للمشروع وهو حماية المياه الجوفية ووقف التدهور المستمر في جودتها من خلال تشجيع المزارعين على استخدام المياه المعالجة بدلا من المياه الجوفية، فقد تكفل المشروع بتوصيل المياه المعالجة إلى داخل المزارع ونتيجة لعدم وجود قانون يلزم أصحاب الأراضي الزراعية بقبول ذلك كان لابد من الحصول على موافقة أصحاب هذه الأراضي على استخدام المياه المعالجة وإبرام اتفاقات معهم لتنفيذ ذلك. تبين عدم تمكن إدارة الهندسة الزراعية من إبرام اتفاقات مع 226 مزرعة من مجموع 581 مزرعة وذلك على رغم مرور أربع سنوات على صدور موافقة مجلس الوزراء على توصيل المياه المعالجة إلى داخل المزارع.

وتعود أسباب عدم تمكن إدارة الهندسة الزراعية من إبرام اتفاقات مع بعض المزارعين إلى مواجهة عدة مشكلات قد تفضي إلى إلغاء نحو 50 في المئة من المزارع التي لم تبرم معها اتفاقات، وذلك وفقا لافادة إدارة الهندسة الزراعية. تمثلت هذه المشكلات في رفض بعض ملاك المزارع استخدام المياه المعالجة، وعدم القدرة على الوصول إلى ملاك بعض المزارع، وقيام بعض ملاك الأراضي الزراعية بتحويل أراضيهم إلى أغراض غير زراعية.

كما أن إبرام الاتفاقات مع أصحاب المزارع المذكورة لا يعني انه تم فعلا توصيل المياه المعالجة لتك المزارع، إذ تم الانتهاء من أعمال توصيل المياه المعالجة إلى 60 مزرعة، منها 42 مزرعة بدأت فعلا باستخدام المياه المعالجة، في حين لم يتم التوصيل الفعلي للمياه المعالجة للمزارع المتبقية وعددها 295 مزرعة من أصل 355 مزرعة أبرمت اتفاقات معها بسبب التأخير الكبير في بدء أعمال التوصيل، غذ تتطلب الاجراءات الحصول على موافقة 60 في المئة على الأقل من المزارع في كل منطقة ليتسنى البدء في طرح المناقصات الخاصة بأعمال توصيل المزارع بالمياه المعالجة. ونتيجة للتأخير الكبير في إبرام الاتفاقات كافة نتيجة عدم التخطيط المسبق لهذه المهمة وعدم اتباع آليات وبرامج عمل فعالة عند الاتصال بالمزارعين، تأخر البدء في تنفيذ المقاولات الخاصة بتوصيل المياه المعالجة إلى داخل المزارع، ما أثر على فعالية المشروع ككل وعدم قدرته على تحقيق أهدافه إذ استمر السحب من المياه الجوفية للأغراض الزراعية لعدم توافر البديل، ولم تقم محطة توبلي بالمعالجة الثلاثية لكل التدفقات الداخلة إليها بسبب عدم القدرة على التوزيع، واستمرت المحطة في إلقاء مياه الصرف المعالجة ثنائيا في خليج توبلي مسببة تلوثا في البيئة.

كما اتضح رفض بعض ملاك المزارع الذين ابرموا اتفاقات توصيل المياه المعالجة إلى أراضيهم نظرا الى أن هذه الاتفاقات لا تعتبر ملزمة ولا يتحمل المزارع الذي يخل بها أي مسئولية، ما سيكون له تأثير سلبي كبير على فعالية المشروع.

إن الحالات التي واجهها المشروع من رفض بعض المزارعين استخدام المياه المعالجة بدلا من المياه الجوفية وتنصل البعض الآخر من الاتفاقات التي وقعت معهم كان ينبغي توقعها ووضع حل حاسم لها خلال مرحلة التخطيط للمشروع، إذ كان ينيغي العمل آنذاك على استصدار قانون يلزم أصحاب المزارع باستخدام المياه المعالجة في الأغراض الزراعية، الأمر الذي كان سيشكل ضمانة أساسية لنجاح المشروع قبل البدء في تنفيذه.

استمرار إلقاء مياه الصرف الصحي المعالجة ثنائياً في خليج توبلي وتلوث البيئة

نتيجة لعدم القيام بمعالجة كل التدفقات اليومية الداخلة من مياه الصرف الصحي معالجة ثلاثية والاستفادة منها في الأغراض الزراعية وذلك بسبب التأخير الكبير في استكمال المراحل التكميلية الخاصة بالنقل والتوزيع وتوصيلات المزارع، استمرت محطة توبلي في إلقاء مياه الصرف الصحي المعالجة ثنائيا والمخالفة للمواصفات البيئية في خليج توبلي، ما كان له أثر كبير على الحياة البحرية بالخليج.

وللوقوف على التأثيرات البيئية نتيجة إلقاء المياه المعالجة ثنائيا في خليج توبلي، فقد تمت الاستعانة بتقارير الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية عن مخلفات محطة توبلي من مياه الصرف الصحي في الفترة من 2001 حتى 2005، إذ أشارت تلك التقارير إلى وجود الكثير من التجاوزات في نسب بعض المواد عن النسب المسموح بها وفقا للقرار الوزاري رقم (10) لسنة 1999 وتعديلاته بشأن المقاييس البيئية في مياه الصرف الصحي التي يتم تصريفها الى البحر ما يشكل تهديدا على الحياة البحرية بخليج توبلي?

العدد 1568 - الخميس 21 ديسمبر 2006م الموافق 30 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً