العدد 4040 - السبت 28 سبتمبر 2013م الموافق 23 ذي القعدة 1434هـ

طبيب العائله

البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر 

28 سبتمبر 2013

(( رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الخليج العربي الأمين العام للجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي))

طبيب العائلة، هو الطبيب الشامل الذي يمتاز بالصفات، والمعرفة التي تؤهله لتقديم الرعاية الصحية، والنفسية والاجتماعية لجميع أفراد الأسرة، دون الاعتبار للسن، أو الجنس، أو نوعيه المشكلة الصحية، وذلك بشكل دائم ومتواصل. لذا فهو يهتم بالإنسان جسداً وعقلاً وروحاً، ويعتبر الحامي للأسرة في كل ما يتعلق بالصحة. كما أنه الطبيب الذي يحرص علي تشخيص العلل منذ بداية بذرة نشوءها فيعالجها مانعا من استفحالها. وبالتالي يعمل علي تقديم الرعاية الشمولية المبكرة والمستمرة لوقاية الفرد والعائلة ضمن مجموعة المجتمع، فهو خط الدفاع الأول لصحة الفرد.

إن تعزيز صحة الأصحاء، ومعالجة أمراض المرضى، هي من ضمن أولويات طبيب الأسرة، فيقدم الرعاية الوقائية، والعلاجية، للأمراض الحادة، و المزمنة. إلا أن خدماته لا تنحصر في الخدمات العلاجية تلك، بل تشمل الخدمات التثقيفية، فيكون المستشار الطبي الأول للعائلة في جميع المشكل الصحية والنفسية، وذلك بسبب قربه من أفراد الأسرة، الذي يؤهله لمعرفه العوامل و الظروف الأخرى التي تؤثر علي معاناة المريض، وكذلك تفهمه للجوانب العاطفية والنفسية للمريض وأسرته، إضافة إلى العوامل الاجتماعية التي تؤثر على المريض ومرضه . فيصبح هو المرجع الصحي لهم جميعا مما يؤدي إلى رفع المستوى الصحي، الذي يسهم في تخفيف العبء المالي عن المريض، وبالتالي على الدولة.

لقد عمل الأطباء المسلمون القدامى بنظام طب الأسرة، حيث إنهم كانوا أطباء شموليين أي أنهم كانوا يعنون بجميع العلل صحية كانت، أو نفسية أو إرشادية، ولجميع أفراد الأسرة. فكان يسمى الطبيب بالحكيم، لما كان يتمتع به من مهارات، وثقافة وحكمة في الطب والعلوم الأخرى، تمكنه من تقديم الرعاية لمختلف المشاكل التي يشكو منها الفرد. وبالتالي، فإن طب الأسرة كان ينمو مع نمو البشرية. وكانت (البحرين، ولبنان) في عام 1980م، من أوائل البلدان العربية التي اهتمت بهذا التخصص، وأسست برنامج لتدريب الأطباء فيه، وتلا ذلك الدول العربية الأخرى. ولازال يعتبر حلماً في أقطار أخرى.

إن طب الأسرة هو قاعدة الهرم لجميع الخدمات الصحية، التي توفرها الدولة للمجتمع، فهي تعمل علي توفير خدمات ذات جوده عاليه تساعد في رفع المستوي الصحي للفرد والمجتمع ضمن ميزانيه معتدله تعمل علي تخفيض كلفة الإنفاق العام في الصحة. فهو يعمل علي الارتقاء بصحة الفرد والمجتمع، بتكلفة معقولة وخصوصاً في الدول العربية التي تنتشر فيها نسبة الأمراض المعدية وغير المعدية.

أوردت منظمه الصحة العالمية، وكذلك الهيئات الصحية الدولية أن 90 % من المواطنين في المجتمعات يحتاجون إلى الرعاية الصحية الأولية، إلا أنه من المفارقات الغريبة أن 10 % فقط من ميزانية الصحة في هذه الدول تخصص إلى الرعاية الصحية الأولية، علماً أن الدراسات أوضحت أن وجود طب الأسرة قد يكون هو الحل لغالبيه المشاكل الصحية التي يشكو منها أي مجتمع.

العدد 4040 - السبت 28 سبتمبر 2013م الموافق 23 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً