العدد 4153 - الأحد 19 يناير 2014م الموافق 18 ربيع الاول 1435هـ

معاناة السجناء... إلى متى؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل عام كامل، وتحديداً في 15/1/2013، كتبت في هذه الزاوية مقالاً عن «رسالة السماهيجي مرةً أخرى»، وهو طبيب العيون الاستشاري، الذي كتب من سجنه يومها مطالباً بالسماح بالحاجيات الأساسية كالملابس، وعدم انقطاع المياه عن المرافق الصحية وتوفير مياه دافئة في هذا الجو الشتوي القارس.

وأعيد اليوم الكتابة عن أوضاع السجناء، بسبب استمرار شكاوى الأهالي والسجناء، من استمرار سوء المعاملة وعدم احترام حقوق الإنسان. ففي هذا العصر الذي تسود فيه ثقافة «حقوق الإنسان» على مستوى العالم، يجب أن لا تظل سجون البحرين تغرد خارج السرب، متشبثةً بفلسفة الخمسينات في اعتبار السجن مكاناً للعقاب وإذلال المعارضين وأهليهم.

هناك أربعة أجيالٍ من البحرينيين القوميين والعروبيين واليساريين والإسلاميين، مرّت على سجون البحرين وعانت ما عانت من سوء المعاملة، آخرهم هذه الدفعة الجديدة من سجناء الرأي، من مرحلة الربيع العربي الذين زاد عددهم على الثلاثة آلاف مواطن بحريني، في بلد لا يتجاوز سكانه الأصليون الستمئة الف.

ما اضطرني لإعادة الكتابة عن مآسي السجون مرةً أخرى، هو تصريح وزير الخارجية الأخير، عن «رغبة البحرين الصادقة في تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية بحقوق الإنسان، وخصوصاً المفوضية السامية لحقوق الإنسان للعمل على حماية وتعزيز حقوق الإنسان». فالنظام يراهن على تسويق فكرةٍ للعالم الخارجي، بأننا بحاجةٍ إلى تعليمٍ وتدريبٍ وتأهيلٍ، للأجهزة الأمنية ولقوات الأمن، حتى نرتقي بأدائها لتتوقف بعدها انتهاكات حقوق الإنسان. وفي هذا الطرح مسٌّ بسمعة الوطن، وإهانةٌ للنظام السياسي وأجهزته الرسمية، التي لم تتمكن من تحقيق الحدّ الأدنى من احترام حقوق الإنسان بعد 42 عاماً من عمر الاستقلال.

الآن، وبعد عامٍ واحدٍ من الكتابة عن مطلب السجناء بالسماح لهم بإدخال الملابس الشتوية مثلاً، مازلنا نسمع الشكاوى ذاتها من الأهالي. وهو أبسط مثالٍ على عدم الجدية، وانعدام الرغبة الصادقة في احترام حقوق الإنسان وتحسين أوضاع السجون.

إن ما عملناه في الأعوام الثلاثة الماضية، ومع اتساع الخرق القانوني وتوسع انتهاكات حقوق الإنسان بشكل غير مسبوق، هو خلق مؤسسات حقوقية صورية «غونغو» مدفوعة الأجر، تزوّر الحقائق لتضليل الرأي العام العالمي، والردّ على تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية الموثّقة، والتشويش على أجهزة الأمم المتحدة. كل ذلك إنما يزيدنا بعداً عن حلّ المشكلة الحقوقية المتولدة عن الأزمة السياسية، بسبب عدم الاعتراف بوجودها أصلاً.

إننا بحاجةٍ إلى إعادة مراجعة أدائنا الحقوقي، وتغيير نظرتنا للسجناء، فهم ليسوا مجرمين أو إرهابيين كما يود الإعلام الرسمي إشاعته، بل هم معارضون سياسيون، لهم مطالب وتطلعات ورأي فيما يخص الوضع السياسي والاقتصادي بالبلد.

اليوم، نحن أمام مأزق سياسي وحقوقي كبير، خصوصاً مع وجود هذا العدد الضخم من السجناء والمعتقلين. فتاريخياً كانت أعداد المعتقلين أيام الاستعمار البريطاني تعدّ بالعشرات، وفي عقدي السبعينات والثمانينات أصبحت تعد بالمئات، ومنذ التسعينات أخذ يصعد الرقم إلى خانة الآلاف، حتى باتت الجهات المحلية والدولية تتحدّث عن أكثر من ثلاثة آلاف سجين ومعتقل. هؤلاء من واجب وزارة الداخلية حسن معاملتهم، وحفظ كرامتهم في السجون.

إحدى القضايا الإنسانية التي يجب على الوزارة مراعاتها تماماً، تسهيل الأمور على النزلاء في القيام بواجب التعزية في حالة وفاة أحد أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وليس هناك أصعب على الإنسان من فقد عزيز، فكيف إذا كان سجيناً يقضي عقوبة لفترة طويلة، ويتلقى النبأ الصاعق بصورة مفاجئة. وأطرح هذه القضية الإنسانية لوقوع إشكالات في عددٍ من الحالات ومن الوارد جداً تكرارها، وآخرها ما حدث للشيخ ميرزا المحروس، الذي توفيت زوجته منتصف ليل الأربعاء، ولم يطلق سراحه إلا بعد ظهر الجمعة لإلقاء النظرة الأخيرة والمشاركة في واجب العزاء. لقد احتاج ذلك إلى يوم ونصف اليوم، مع أن الإجراء لا يحتاج لأكثر من ساعتين لترتيب الإطلاق المؤقت. وهو أمرٌ يحتاج إلى إقرارٍ وتثبيتٍ كأحد الأعراف المحترمة في دولة تحترم القانون، وليس كموضوعٍ خاضعٍ للمساومات أو الوساطات.

المعلومات المتوفرة لدينا تشير إلى وجود تضاربٍ في مثل هذه الحالات، بين جهات تنفيذ القانون (الداخلية) وبين الجهات القضائية التي تأمر بإطلاقٍ مؤقتٍ للسجين، ولكن لا يتم الاستجابة لها. هذا الخلل ربما يكون لعدم وجود تنسيق، أو بسبب موقف آمر السجن، الذي قد تفسّر معاملته كتصرفات شخصية أو مزاجية، وهو أمرٌ من الصعب القبول به في دولةٍ تسعى لإثبات حسن معاملتها للسجناء أمام المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتحسين سجلها الحقوقي في جلسة جنيف المقبلة بعد ثلاثة أشهر.

قبل التوقيع على اتفاقية الإطار المرجعي الموعودة مع المفوضية السامية، نحن بحاجةٍ إلى العودة إلى أنفسنا ومبادئنا، وتذكير أنفسنا بتعاليم ديننا، بخصوص معاملة الأسرى والسجناء. هؤلاء بشر وليسوا مجرمين أو إرهابيين، لهم حقوقهم، ومن الواجب حفظ كرامتهم وإنسانيتهم. هذه هي البداية، فمن كرامة المواطن تصنع كرامة الأوطان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4153 - الأحد 19 يناير 2014م الموافق 18 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 8:15 ص

      الى زائر رقم 9

      انت صدقت في كلمة فندق لأن من ابسط حقوق المعتقل السياسي ان اسمه معتقل بس هني ممنوع اتقول معتقل لازم اتقول "نزيل" بس شنقول كل ظالم وله يوم والله ياخذ حقنا منكم

    • زائر 28 | 5:33 ص

      لادليل على صدق النوايا

      كل ما يدور حولنا من أفعال وأقوال ومواقف وتصرفات تشير إلى أن الأمر لا يتجاوز الجعجعة ولا طحن. وأن القوم يخططون لأمر بعيد كل البعد عن صدق النية وإلا فكيف تستقيم طاعة ولي الأمر ومهاجمته بشراسة فضلاً عن معصيته وكيف تتفق الطاعة العمياء(ريموت)والاعتراض عبر لافتات وتويتات ووو. وبالتالي يا سيد لا تعرض مطالبات أو ملاحظات أو حتى الأمنيات على وجود توجه صادق نحو تصحيح بنية سليمة يحقق لهذا الشعب بعضا من حقوقه التي دف من أجلها كل غال ونفيس ولا أغلى من الأرواح التي أزهقت والعوائل التي جوعت والسجون التي ملئت

    • زائر 27 | 4:45 ص

      يمكن؟؟؟؟؟؟

      نبيل رجب عبدالهادي وابنته السنكيس والرموز كانو يحرقون تواير مثلا؟

    • زائر 26 | 3:34 ص

      يا أخ الفاضل ونحن نسألك متى؟

      الى متى يستمر التطبيل ضد الفئه المطالبه بحقوق التوظيف والاسكان والحياة الكريمه، اقول استح على وجهك باللغه العاميه واذا فيك خير جاوب متى سوف يتم توظيفي وانا خريجة جامعيه وشارفت عالاربعين ولحد الحين لم اصنع لي مستقبل يحميني وقت الكبر والشيخوخه ومرتزقتكم تستلم رواتب حكوميه ويحسسون الواحد انه لهم فضل علينا جايين يأكلون من خيرنا استح على وجهك وجاوب لي 18 سنه بدون بيت اسكان ومرتزقتكم تتنعم بالبيوت استح على وجهك وجاوب متى اركب سياره حالي حال ..؟جااوب يا شريف الفاتح

    • زائر 25 | 3:31 ص

      صباح الخير ياسيد

      قلت في احدى فقرات المقال بأن السجناء القابعون في سجون النظام معارضون وسياسيون وليسوا ارهابيون, لعلك أخي الكريم قد نسيت أن بينهم أبرياء, وطلبة يجب على النظام اعطائهم فرصة التعليم لكي يرتقوا بوطنهم الذي ينتمون إليه بدلا عن ابناء من تم جلبهم لقمع الشعب. وأعذرني

    • زائر 24 | 2:54 ص

      ماذا تتوقع

      سيدنا من اناس عادو حتى الحجر فقاموا بهدم مساجدنا وبدم بارد حقدهم طال الحجر والمدر فكيف نتوقع منهم ان يحنوا على البشر لم تعرف البشريه نظام بهذا العنف الممنهج الا انها فلسفة الفاتحين

    • زائر 21 | 1:44 ص

      قال تصرف شخصي قال

      كيف تكون تصرفات شخصية و تتكرر دائماً

    • زائر 18 | 1:17 ص

      سالم

      يعلم الجميع
      أنهم رهائن كورقة ضغط تستخدم في المساومات
      تخلوا عن مطالباتكم وخقوقكم ، سنخلي سبيلهم
      لا أكثر ولا أقل

    • زائر 22 زائر 18 | 1:44 ص

      سلمت

      عين الصواب

    • زائر 16 | 1:01 ص

      لن ينجح حوار وسجناء الرأي قابعون خلف القضبان يعذبون

      من يتحدث عن الحوار فعليه اولا ان ينظر على عدد المعتقلين الذي قارب عددهم 3000 في بلد صغير كالبحرين
      هل تتوقعون لحواركم ان ينجح وهؤلاء وراء القضبان مشوا بوزكم

    • زائر 14 | 12:46 ص

      الوطن اولا

      تصنيف السجناء ب بانهم سجناء راي وليسوا مجرمين أو إرهابيين ليس وجهة نظر وليس مجاله مقال صحفي في جريدة لأن قضايا هؤلاء منظورة امام القضاء ليقول كلمته اما بالبراءة او بالادانة والحكم عنوان الحقيقة . وحبذا لو تضمن المقال شيئا عن رأي المعنيين بحقوق الانسان في البحرين والذيِن هم على اطلاع جيد باوضاع السجون حتى يكتسي المقال قدرا اكبر من الموضوعية. وعند الحديث عن انتهاك حقوق السجناء أليس من الانصاف أن نتحدث ايضا عن انتهاك حقوق الوطن ؟

    • زائر 30 زائر 14 | 10:32 م

      حقوق السجين

      شكراً على المقال الذي يعكس شيى من انتهاكات في حق السجين ، ولكل الذين ردوا بستخفاف لما يمر به سجين الرأي في البحرين والذي أقره بسيوني فليطالب بدخول مقرر التعذيب للبحرين . وانا متأكدة انه سيخرج بملف انتهاكات اكبر من ملف تقصى الحقائق

    • زائر 13 | 12:38 ص

      ziyad

      عزيزي قاسم ان ما تقوله في وادي وما يجري على الارض وادي آخر يجب معاملت السجناء بجميع انتماتهم السياسية وحتى سجناء ارتكبو جرائم جنائية فالمعملة لابد ان تكون واحده مها كانت جريمته

    • زائر 12 | 12:29 ص

      لا نجاح لأي حوار وخيرة شعبنا وراء القضبان يعذبّون

      كل العالم يقول انهم سجناء وابرياء والاصرار على ابقائهم يدخل البلد في نفق مظلم
      ولن ينجح حوار وهؤلاء وراء القضبان هذا ملخص الكلام
      ملفان ان لم يتم حلهما فالحوار فاشل قبل ان يبدأ
      ملف المعتقلين
      ملف التجنيس

    • زائر 10 | 12:20 ص

      المعاناه الحيقيه

      المعاناه الحقيقيه هي ان تسجن موءبد او 15 سنه او 10 سنوات فقط لانك عبرت عن رايك او شاركت في مسيره سلميه او ذهبت الى الدوار هذا هو الظلم الحقيقي وفوق ذلك تمنع من حقوقك في السجن مثل توفير الماء الدافىء والاكل والملبس والنظافه وغيرها.

    • زائر 9 | 12:17 ص

      أشكر الله يشكرك

      شرايكم نفتح فندق حق المسجونين بيكون أفضل عشان نطبق القوانين اللي تنص عليها حقوق الإنسان، أو نطبق القوانين اللي يناشد بها البعض وتطبق في الولايات المتحدة الامريكية ويعامل السجين البحريني مثل ما يعامل السجين في سجون اقوانتناموا؟ أشكر الله يشكرك

    • زائر 7 | 11:46 م

      اي قانون

      قانون بس على المخربين والإرهابيين اللي يحرقون بس

    • زائر 6 | 11:42 م

      سيد شكلك متفق مع الكاتب محمد

      هو كاتب عن السجن الدنماركي ذو 5 نجوم و انت كاتب عن السجن عندنا... تعليق بسيط مستوحاة من مقال الكاتب محمد عبدالله ان السجن هناك للاصلاح و السجن هنا للانتقام بمعنى اخر لا تتعب نفسك لان كل ذلك لن يزول حتى يزول اصحاب ذاك الفكر

    • زائر 3 | 11:14 م

      احسنت

      مقالك بالصميم. فياترى هل نجد حلاً!

    • زائر 2 | 11:09 م

      معاناة الشعب الشريف من التحرق في الشوارع الى متى ؟

    • زائر 4 زائر 2 | 11:22 م

      متى قال متى

      حتى استرجاع الحقوق والافراج عن ابائهم

    • زائر 5 زائر 2 | 11:31 م

      ومعاناة الناس من التمييز والطائفيه متى سوف تنتهي

      ومعاناة الناس من التمييز والطائفيه متى سوف تنتهي

    • زائر 8 زائر 2 | 11:59 م

      اشاطرك الراي ..... ولكن

      يا اخي الكريم حرق الاطارات وقطع الطرق مرفوض في كل دول العالم ولكن كل ذلك بسبب الاضطرابات ولو عندنا برلمان فيه رياييل يطالبون بمطالب شعوبهم وعدل ومساواه وتوزيع ثروة عادل ما شفت اللي تشوفه . البرلمان يجب ان يكون حسيب ورقيب على اداء الحكومه ويدافع عن مطالب الشعب ويسأل الوزراء من اين لكم هذا لكن للاسف صاير مثل تجمع الفاتح ريموت كنترول وكل همهم ان يجمع اكبر رصيد في البنك ويحصل على هبات من الحكومه حتى لا يزعلها

    • زائر 11 زائر 2 | 12:25 ص

      متى قال متى ؟

      حتى يفرج عن السجناء , حتى يخرج المجنسون من البلاد , حتى ينال الشعب كافة حقوقه ويعيش بسلام فهمت الحين إلى متى ؟

    • زائر 17 زائر 2 | 1:16 ص

      جتني الصيحه صراحة

      تقارن بين تاير محترق و شعب محترق من الاضطهاد و القتل و الفصل و الاعتقال و التعذيب و التمييز. هذا اللي يسمونه المضحك المبكي

    • زائر 19 زائر 2 | 1:19 ص

      روح تعالج احسن لك

      اذا كان الحرق وقطع الطرق يضايقك وسعيد بسرقات السواحل والاراضي والبحار وعدم وجود عداله اجتماعيه في البلد فانت بحاجه الى مراجعة الطبيب

    • زائر 20 زائر 2 | 1:19 ص

      ستاسي

      معاناة الشعب الشريف من الفساد المالي والأخلاقي الى متى ؟

    • زائر 1 | 10:27 م

      لا حياة لمن تنادي

      فلا تنسى بان البحرين مقبرة لحقوق الانسان

اقرأ ايضاً