هذه مقولة طالما سمعنا ترددها عند الأطباء، وخصوصاً أطباء العائلة والصحة العامة وعيادات الفحوصات الوقائية، وكأننا نفهم أن هناك مرآة في العين نرى فيها الكثير من أمراض الجسد، فهل تلك حقيقة موثقة بالأدلة والبراهين؟

في أحد الأيام دخل المريض عيادة العيون وهو يشتكي من تغير بسيط في حدة الإبصار في إحدى العينين، والفحص المبدئي يبين أنه يحتاج إلى نظارة طبية، ولكن ذلك لم يحسن الإبصار. وهنا بدأ الشك في أن هناك سبباً آخر. والمفاجأة أن الشبكية والتي هي مرآة الجسد كانت مصابة باعتلال شديد. وعند سؤال المريض عن صحته العامة لم يذكر أنه يعاني من أية اضطرابات، وليس مصاباُ بمرض السكري ولكن ضغط الدم مرتفع ارتفاعاً مخيفاً، وهنا أعلنا الطوارئ وتأكدنا أن اعتلال الشبكية الشديد كان بسبب ارتفاع ضغط الدم الشديد، وارتفاع ضغط الدم يؤثر على الشرايين الصغيرة جداً وهي متواجدة في شبكية العين، وكذلك في الأعضاء المختلفة في الجسم مثل الكبد والكلى وعضلات القلب والشعيرات الدموية في المخ.

واتخذنا القرار الفوري بمعالجته بواسطة الطبيب الباطني تخصص ضغط الدم والكلى، وبعدها بثلاثة شهور تمت السيطرة على مستوى ضغط الدم، ولحسن الحظ تحسنت الشبكية واختفت أعراض اعتلال الشبكية من نزيف ورشح، خصوصاً في مقلة العين والشعيرات الدموية، وهذا دليل قاطع بأن ارتفاع ضغط الدم كان السبب الرئيسي في اعتلال العين ولم يشعر به المريض ولم يتم اكتشافه إلا من خلال فحص الشبكية.

أمثلة أخرى لأمراض يتم اكتشافها عن طريق الشبكية وأكثرها شيوعاً مرض السكري، الأورام السرطانية والغدة الدرقية، وأمراض القلب والجلطات، أمراض المخ والأعصاب، التهابات الروماتيزم المزمنة، جلطات المخ، انتشار الأورام السرطانية وغيرها من الأمراض الخطيرة، التي إذا تم اكتشافها مبكراً أمكن علاجها بسهولة ويتجنب المريض المضاعفات الخطيرة، خصوصاً أمراض السكري التي تبدي لنا الشبكية درجة تقدمه في شرايين وشعيرات الأعضاء المختلفة في الجسم، فالسكري المتقدم يؤثر على المخ، ويؤدي إلى شلل الأعصاب وغرغرينا الأطراف والذبحة الصدرية، بجانب نزيف الشبكية وتليفاتٍ تؤدي إلى انفصال الشبكية وفقدان البصر.

وفي النهاية، إن مقولة «العين مرآة البدن» صحيحة، وبكل معانيها.